ثم قال : هل علم أهل المدينة؟ أو قال : هل علم أحد بما قدمتم؟ قالوا : لا، قال : لو علموا لوعظت بكم.
( أقوال ابن عباس في ذلك )
روى ابن جرير عن طاوس، قال : جاء رجل إلى ابن عباس، فقال : أرأيت الكبائر السبع التي ذكرهن الله ما هن؟ قال : هن إلى السبعين أدنى منهن إلى سبع، وقال عبد الرزاق قيل : لابن عباس الكبائر سبع؟ قال : هن إلى السبعين أقرب؛ وقال ابن جرير عن سعيد بن جبير : أن رجلاً قال لابن عباس : كم الكبائر، سبع؟ قال : هن إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع استغفار : ولا صغيرة مع إصرار. وعن ابن عباس في قوله :﴿ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ ﴾ قال : الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب. وسئل ابن عباس عن الكبائر فقال : كل شيء عصي الله به فهو كبيرة.
وقد اختلف علماء الأصول والفروع في حد الكبيرة، فمن قائل : هي ما عليه حد في الشرع، ومنهم من قال : هي ما عليه وعيد مخصوص من الكتاب والسنّة، وقيل غير ذلك. قال أبو القاسم عبد الكريم الرافعي في كتابه ( الشرح الكبير ) : ثم اختلف الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم في الكبائر، وفي الفرق بينها وبين الصغائر، ولبعض الأصحاب في تفسير الكبيرة وجوه أحدها : أنها المعصية الموجبة للحد، ( والثاني ) : أنها المعصية التي يلحق صاحبها الوعيد الشديد بنص كتاب أو سنّة، وهذا أكثر ما يوجد لهم وإلى الأول أميل، لكن الثاني أوفق لما ذكروه عند تفسير الكبائر، ( والثالث ) : قال إمام الحرمين : كل جريمة تنبىء بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة فهي مبطلة للعدالة، ( والرابع ) : ذكر القاضي أبو سعيد الهروي : أن الكبيرة كل فعل نص الكتاب على تحريمه، وكل معصية توجب في جنسها حداً من قتل أو غيره.
ثم قال : وفصَّل ( القاضي الروياني ) فقال : الكبائر سبع : قتل النفس بغير الحق، والزنا، واللواطة، وشرب الخمر، والسرقة، وأخذ المال غصباً، والقذف؛ وزاد في ( الشامل ) على السبع المذكورة : شهادة الزور، أضاف إليها صاحب ( العدة ) : أكل الربا، والإفطار في رمضان بلا عذر، واليمين الفاجرة، وقطع الرحم، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وأكل مال اليتيم، والخيانة في الكيل والوزن، وتقديم الصلاة على وقتها، وتأخيرها عن وقتها بلا عذر، وضرب المسلم بلا حق، والكذب على رسول الله ﷺ عمداً؛ وسب أصحابه، وكتمان الشهادة بلا عذر، وأخذ الرشوة، والقيادة بين الرجال والنساء، والسعاية عند السلطان، ومنع الزكاة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة، ونسيان القرآن بعد تعلمه، وإحراق الحيوان بالنار، وامتناع المرأة من زوجها بلا سبب، واليأس من رحمة الله، والأمن من مكر الله، ويقال الوقيعة في أهل العلم، وحملة القرآن.


الصفحة التالية
Icon