﴿ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ﴾ [ الذاريات : ٩ ] أي يصرف بسببه من هو مأفوك، ولهذا قال تعالى :﴿ فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ﴾ أي من اللباس والمنزل الرحب والرزق الهنيء والراحة. ﴿ وَقُلْنَا اهبطوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأرض مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ ﴾ أي قرار وأرزاق وآجال ﴿ إلى حِينٍ ﴾ أي إلى وقت مؤقت ومقدار معيّن ثم تقوم القيامة، وقد ذكر المفسرون من السلف كالسدي بأسانيده، وأبي العالية، ووهب بن منبه وغيرهم، هاهنا أخبارًا إسرائيلية عن قصة الحية وإبليس، وكيف جرى من دخول إبليس إلى الجنة ووسوسته، وسنبسط ذلك إن شاء الله في سورة الأعراف فهناك القصة أبسط منها هاهنا والله الموفق.
فإن قيل : فإذا كانت جنة آدم التي أخرج منها في السماء كما يقوله الجمهور من العلماء فكيف تمكن إبليس من دخول الجنة وقد طرد من هنالك؟ وأجاب الجمهور بأجوبة، وأحدها أنه منع من دخول الجنة مكرماً، فأما على وجه السرقة والإهانة فلا يمتنع. ولهذا قال بعضهم - كما في التوراة - إنه دخل في فم الحية إلى الجنة. وقد قال بعضهم : يحتمل أنه وسوس لهما وهو خارج باب الجنة. وقال بعضهم : يحتمل أنه وسوس لهما وهو في الأرض وهما في السماء. ذكرهما الزمخشري وغيره. وقد أورد القرطبي هاهنا أحاديث في الحيات وقتلهن، وبيان حكم ذلك فأجاد وأفاد.


الصفحة التالية
Icon