﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ [ آل عمران : ١٠٢ ]، وهو الأمر لهم بالتأهب للموت على الإسلام والمداومة على الطاعة لأجل ذلك، وقوله :﴿ حتى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ﴾ هذا أحسن ما يقال في حد السكران أنه الذي لا يدري ما يقول، فإن المخمور فيه تخليط في القراءة وعدم تدبره وخشوعه فيها، وقد قال الإمام أحمد عن أنَس قال، قال رسول الله ﷺ :« إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف ولينم حتى يعلم ما يقول » وفي بعض ألفاظ الحديث :« فلعله يذهب يستغفر فيسب نفسه ».
وقوله تعالى :﴿ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حتى تَغْتَسِلُواْ ﴾ عن ابن عباس قال : لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا عابري سبيل، قال تمر به مراً ولا تجلس، يروى أن رجالاً من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فكانت تصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم، فيردون الماء ولا يجدون ممراً إلا في المسجد فأنزل الله :﴿ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ ويشهد لصحته ما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله ﷺ قال :« سدوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر »، وهذا قاله في آخر حياته ﷺ علماً منه أن أبا بكر رضي الله عنه سيلي الأمر بعده، ويحتاج إلى الدخول في المسجد كثيراً للأمور المهمة فيما يصلح للمسلمين، فأمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه رضي الله عنه، ومن روي ( إلا باب علي ) كما وقع في بعض السنن فهو خطأ، والصواب ما ثبت في الصحيح. ومن هذه الآية احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد، ويجوز له المرور، وكذا الحائض والنفساء أيضاً في معناه، إلا أن بعضهم قال : يحرم مرورهما لاحتمال التلويث، ومنهم من قال : إن أمنت كل واحدة منهما التلويث في حال المرور جاز لها المرور وإلا فلا، وقد ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت، قال لي رسول الله ﷺ :« » ناوليني الخُمرة من المسجد «، فقلت : إني حائض، فقال :» إن حيضتك ليست في يدك «، وفيه دلالة على جواز مرور الحائض في المسجد، والنفساء في معناها والله أعلم. وروى أبو داود عن عائشة قالت، قال رسول الله ﷺ :» إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب «، قال أبو مسلم الخطابي : ضعف هذا الحديث جماعة، لكن رواه ابن ماجة عن أم سلمة عن النبي ﷺ. فأما ما رواه أبو عيسى الترمذي من حديث سالم بن أبي حفصة عن عطية عن أبي سعيد الخدري، قال، قال رسول الله ﷺ :» يا علي لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك « فإنه حديث ضعيف لا يثبت، فإن سالماً هذا متروك وشيخه عطية ضعيف والله أعلم.