يخبر تعالى بما أنذر به آدم وزوجته وإبليس حين أهبطهم من الجنة، والمراد الذرية : إنه سينزل الكتب، ويبعث الأنبياء والرسل، كما قال أبو العالية : الهدى الأنبياء والرسل والبينات والبيان. وقال مقاتل بن حيان : الهدى محمد ﷺ، وقال الحسن : الهدى القرآن، هذان القولان صحيحان. وقول أبي العالية أعم. ﴿ فَمَن تَبِعَ هُدَايَ ﴾ أي من أقبل على ما أنزلت به الكتب وأرسلت به الرسل ﴿ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي فيما يستقبلونه من أمر الآخرة ﴿ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم من أمور الدنيا كما قال في سورة طه :﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتبع هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى ﴾ [ ١٢٣ ]. قال ابن عباس : فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة :﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القيامة أعمى ﴾ [ طه : ١٢٤ ] كما قال هاهنا. ﴿ والذين كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ أي مخلدون فيها لا محيد لهم عنها ولا محيص. قال رسول الله ﷺ :« أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أقوام أصابتهم النار بخطاياهم فأماتتهم إماتة حتى إذا صاروا فحماً أذن في الشفاعة ».
وذكرُ هذا الإهباط الثاني لما تعلق به ما بعده من المعنى المغاير للأول، وزعم بعضهم أنه تأكيد وتكرير كما يقال قم قم، وقال آخرون : بل الإهباط الأول من الجنة إلى السماء الدنيا، والثاني من سماء الدنيا إلى الأرض والصحيح الأول، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon