« ثم جلس رسول الله ﷺ في المسجد، فقام إليه ( علي بن أبي طالب ) ومفتاح الكعبة في يده فقال : يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك فقال رسول الله ﷺ :» أين عثمان بن طلحة «؟ فدعي له، فقال له :» هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم وفاء وبر « قال ابن جرير : نزلت في عثمان بن طلحة، قبض منه رسول الله ﷺ مفتاح الكعبة فدخل في البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية ﴿ إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأمانات إلى أَهْلِهَا ﴾ الآية، فدعا عثمان إليه فدفع إليه المفتاح، وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله ﷺ من الكعبة وهو يتلو هذه الآية ﴿ إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأمانات إلى أَهْلِهَا ﴾ فداه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك.
وهذا من المشهورات أن هذه الآية نزلت في ذلك، وسواء كانت في ذلك أو لا فحكمها عام. ولهذا قال ابن عباس ومحمد بن الحنفية : هي للبر والفاجر، أي هي أمر لكل أحد، وقوله :﴿ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ الناس أَن تَحْكُمُواْ بالعدل ﴾ أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس، ولهذا قال زيد بن أسلم : إن هذه الآية : إنما نزلت في الأمراء يعني الحكام بين الناس، وفي الحديث :» إن الله مع الحاكم ما لم يجر، فإذا جار وكله إلى نفسه «، وفي الأثر :» عدل يوم كعبادة أربعين سنة «، وقوله :﴿ إِنَّ الله نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾ أي يأمركم به من أداء الأمانات، والحكم بالعدل بين الناس وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة، وقوله تعالى :﴿ إِنَّ الله كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ﴾ سميعاً لأقوالكم بصيراً بأفعالكم.