﴿ والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق ﴾ [ الآية : ٦٨ ] الآية، وقال تعالى :﴿ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ﴾ [ الأنعام : ١٥١ ] الآية.
والآيات والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً، فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال، قال رسول الله ﷺ :« أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء »، وفي حديث آخر :« لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم »، وفي الحديث الآخر :« لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم الله في النار »، وفي الحديث الآخر :« من أعان على قتل المسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله »، وقد كان ابن عباس يرى أنه لا توبة لقاتل المؤمن عمداً، وقال البخاري عن المغيرة بن النعمان قال : سمعت ابن جبير قال : اختلف فيها أهل الكوفة فرحلت إلى ابن عباس فسالته عنها فقال : نزلت هذه الآية ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّم ﴾ هي آخر ما نزل وما نسخها شيء. وقال في هذه الآية :﴿ والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ ﴾ [ الفرقان : ٦٨ ] إلى آخرها قال : نزلت في أهل الشرك. وقال ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قوله :﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّم ﴾ قال : إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام ثم قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم لا توبة له فذكرت ذلك لمجاهد فقال : إلا من ندم.
وروى سالم بن أبي الجعد قال : كنا عند ابن عباس بعدما كُفَّ بصره فأتاه رجل فناداه : يا عبد الله بن عباس ما ترى في رجل قتل مؤمناً متعمداً؟ فقال : جزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً، قال : افرأيت إن تاب وعمل صالحاً ثم اهتدى؟ قال ابن عباس : ثكلته أمه وأنى له التوبة والهدى؟ والذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم ﷺ يقول :« ثكلته أمه قاتل مؤمن متعمداً، جاء يوم القيامة أخذه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه من قبل عرش الرحمن، يلزم قاتله بشماله وبيده الأخرى رأسه يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني »، وايم الذي نفس عبد الله بيده لقد أنزلت هذه الآية فما نسختها من آية حتى قبض نبيكم ﷺ وما نزل بعدها من برهان. وعن عبد الله بن مسعود عن النبي ﷺ قال :« يجيء المقتول متعلقاً بقاتله يوم القيامة آخذاً راسه بيده الأخرى، فيقول : يا رب سل هذا فيم قتلني؟ قال، فيقول : قتلته لتكون العزة لك، فيقول : فإنها لي، قال : ويجيء آخر متعلقاً بقاتله، فيقول : رب سل هذا فيم قتلني؟ قال فيقول : قتلته لتكون العزة لفلان قال : فإنها ليست له بؤ بإثمه، قال فيهوي في النار سبعين خريفاً ».