يقول تعالى ناهياً لليهود عما كانوا يتعمدونه من تلبيس الحق بالباطل وتمويهه به، وكتمانهم الحق وإظهارهم الباطل ﴿ وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل وَتَكْتُمُواْ الحق وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ فنهاهم عن الشيئين معاً، وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به. ولهذا قال ابن عباس ﴿ وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل ﴾ : لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب، وقال أبو العالية : ولا تخلطوا الحق بالباطل، وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد ﷺ، وقال قتادة :﴿ وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل ﴾ : ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام وأنتم تعلمون أن دين الله الإسلام، وأن اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله. عن ابن عباس :﴿ وَتَكْتُمُواْ الحق وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به وأنتم تجدونه مكتوباً عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم. وقال مجاهد والسدي :﴿ وَتَكْتُمُواْ الحق ﴾ يعني محمداً ﷺ :( قلت ) : وتكتموا يحتمل أن يكون مجزوماً ويحتمل أن يكون منصوباً أي لا تجمعوا بين هذا وهذا، كما يقال : لا تأكل السمك وتشرب اللبن. قال الزمخشري : وفي مصحف ابن مسعود ﴿ وَتَكْتُمُواْ الحق ﴾ أي في حال كتمانكم الحق، ﴿ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ حال أيضا، ومعناه وأنتم تعلمون الحق ويجوز أن يكون المعنى وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس، من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار، إن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروّجوه عليهم، والبيانُ : الإيضاح، وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل. ﴿ وَأَقِيمُواْ الصلاوة وَآتُواْ الزكاة واركعوا مَعَ الراكعين ﴾ قال مقاتل : أمرهم أن يصلوا مع النبي ﷺ ﴿ وَآتُواْ الزكاة ﴾ أمرهم أن يؤتوا الزكاة أي يدفعونها إلى النبي ﷺ. ﴿ واركعوا مَعَ الراكعين ﴾ أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد ﷺ يقول : كونوا معهم ومنهم.


الصفحة التالية
Icon