« مَثَل العالم الذي يعلِّمُ الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه » وقال رسول الله ﷺ :« مررت ليلة أسرى بي على قوم تُقْرض شفاههم بمقاريض من نار، قلت : من هؤلاء؟ قالوا : خطباء أمتك من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون » وقال ﷺ :« يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق به أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون يا فلان ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه » وقد ورد في بعض الآثار أنه يغفر للجاهل سبعين مرة، حتى يغفر للعالم مرة واحدة ليس من يعلم كمن لا يعلم. وقال تعالى :﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذين يَعْلَمُونَ والذين لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب ﴾ [ الزمر : ٩ ] وروي عن النبي ﷺ أنه قال :« إن أناساً من أهل الجنة يطّلعون على أناس من أهل النار، فيقولون بم دخلتم النار؟ فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلَّمنا منكم، فيقولون : إنا كنا نقول ولا نفعل ».
وجاء رجل إلى ابن عباس فقال يا ابن عباس : إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر قال : أبلغْتَ ذلك؟ قال : أرجو قال : إن لم تخش أن تفتضح بثلاث آيات من كتاب الله فافعل، قال : وما هن؟ قال : قوله تعالى :﴿ أَتَأْمُرُونَ الناس بالبر وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ أحكمت هذه؟ قال : لا، قال : فالحرف الثاني قال : قوله تعالى :﴿ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ [ الصف : ٢-٣ ] أحكمت هذه؟ قال : لا قال : فالحرف الثالث قال : قول العبد الصالح شعيب عليه السلام :﴿ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإصلاح ﴾ [ هود : ٨٨ ] أحمكت هذه الآية؟ قال : لا، قال : فابدأ بنفسك. وقال إبراهيم النخعي : إني لأكره القصص لثلاث آيات قوله تعالى :﴿ أَتَأْمُرُونَ الناس بالبر وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ وقوله :﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ [ الصف : ٢ ] وقوله إخبارا عن شعيب :﴿ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [ هود : ٨٨ ].


الصفحة التالية
Icon