قرأ بعض القراء ﴿ مَلِكَ ﴾ وقرأ آخرون ﴿ مالك ﴾ وكلاهما صحيح متواتر، و ﴿ مالك ﴾ مأخوذ من المِلْك كما قال تعالى :﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ [ مريم : ٤٠ ]، و ﴿ ملك ﴾ مأخوذ من المُلْك كما قال تعالى :﴿ لِّمَنِ الملك اليوم ﴾ [ غافر : ١٦ ] ؟ وقال :﴿ الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن ﴾ [ الفرقان : ٢٦ ] وتخصيصُ الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة، وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئاً، ولا يتكلم أحد إلا بإذنه كما قال تعالى :﴿ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقَالَ صَوَاباً ﴾ [ النبأ : ٣٨ ]، وقال تعالى :﴿ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾ [ هود : ١٠٥ ]، وعن ابن عباس قال : يوم الدين يوم الحساب للخلائق، يدينهم بأعمالهم إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، إلا من عفا عنه.
والمَلِكُ في الحقيقة هو الله تعالى، فأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز، وفي الصحيحين عن رسول الله ﷺ أنه قال :« يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون ».
و ﴿ الدين ﴾ : الجزاء والحساب كما قال تعالى ﴿ أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٣ ] أي مجزيون محاسبون، وفي الحديث :« الكَيّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت » أي حاسب نفسه، وعن عمر رضي الله عنه :« حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ».


الصفحة التالية
Icon