« ويل للأعقاب من النار »، قال : فجعل الرجل إذا رأى في عقبه شيئاً لم يصبه الماء أعاد وضوءه. ووجه الدلالة من هذه الأحاديث ظاهر، وذلك أنه لو كان فرض الرجلين مسحهما أو أنه يجوز ذلك فيهما لما توعد على تركه، لأن المسح لا يستوعب جميع الرجل بل يجري فيه ما يجري في مسح الخف، وهكذا وجه هذه الدلالة على الشيعة الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله تعالى، وقد روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب :« أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي ﷺ وقال :» ارجع فأحسن وضوءك « وقال الإمام أحمد عن خالد بن معدان عن بعض أزواج النبي ﷺ أنه رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره رسول الله ﷺ أن يعيد الوضوء. ورواه أبو داود وزاد » والصلاة « وهذا إسناد جيد قوي صحيح، والله أعلم.
وقال الإمام أحمد، قال أبو أمامة : حدثنا عمرو بن عبسة، قال، قلت : يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال :» ما منكم من أحد يقرب وضوءه ثم يتمضمض ويستنشق وينتثر، إلاّ خرت خطايه من فمه وخياشيمه مع الماء حين ينتثر، ثم يغسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلاّ خرت خطايا يديه من أطراف أنامله، ثم يمسح رأسه إلاّ خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلاّ خرت خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه بالذي هو له أهل، ثم يركع ركعتين إلاّ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه « قال أبو أمامة : يا عمرو انظر ما تقول، سمعت هذا من رسول الله ﷺ، أيعطي هذا الرجل كله في مقامه؟ فقال عمرو بن عبسة : يا أبا أمامة لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله وعلى رسول الله ﷺ، لو لم أسمعه من رسول الله ﷺ إلاّ مرة أو مرتين أو ثلاثاً لقد سمعته سبع مرات أو أكثر من ذلك، وهذا إسناد صحيح، وهو في صحيح مسلم من وجه آخر، وفيه : ثم يغسل قدميه كما أمره الله فدل على أن القرآن يأمر بالغسل، وهكذا روي عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه أنه قال : اغسلوا القدمين إلى الكعبين كما أمرتم، وقد روى أبو داود عن أوس بن ابي أوس، قال : رأيت رسول الله ﷺ أتى سباطة قوم فبال وتوضأ ومسح على نعليه وقدميه.