وفي التوراة البشارة بإسماعيل عليه السلام وأن الله يقيم من صلبه اثني عشر عظيماً وهم هؤلاء الخلفاء الاثنا عشر المذكورون في حديث ابن مسعود وجابر بن سمرة. وبعض الجهلة ممن أسلم من اليهود إذا اقترن بهم بعض الشيعة يوهمونهم أنهم الأئمة الاثنا عشر فيتشيع كثير منهم جهلاً وسفهاً لقلة علمهم وعلم من لقنهم ذلك بالسنن الثابتة عن النبي ﷺ.
وقوله تعالى :﴿ وَقَالَ الله إِنِّي مَعَكُمْ ﴾ أي بحفظي وكلاءتي ونصري ﴿ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصلاة وَآتَيْتُمُ الزكاة وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي ﴾ أي صدقتموهم فيم يجيئونكم به من الوحي ﴿ وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ﴾ أي نصرتموهم ووازرتموهم على الحق ﴿ وَأَقْرَضْتُمُ الله قَرْضاً حَسَناً ﴾ وهو الإنفاق في سبيله وابتغاء مرضاته ﴿ لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ أي ذنوبكم أمحوها وأسترها ولا أؤاخذكم بها ﴿ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ أي أدفع عنكم المحذور وأحصل لكم المقصود وقوله :﴿ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السبيل ﴾ أي فمن خالف هذا الميثاق بعد عقده وتوكيده فقد أخطأ الطريق الواضح وعدل عن الهدى إلى الضلال. ثم أخبر تعالى عما حل بهم من العقوبة عند مخالفتهم ميثاقه ونقضهم عهده فقال :﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ ﴾ أي فبسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم لعناهم أي أبعدناهم عن الحق وطردناهم عن الهدى ﴿ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ أي فلا يتعظون بموعظة لغلظها وقساوتها، ﴿ يُحَرِّفُونَ الكلم عَن مَّوَاضِعِهِ ﴾ أي فسدت فهومهم وساء تصرفهم في آيات الله، وتأولوا كتابه على غير ما أنزله وحملوه على غير مراده وقالوا عليه ما لم يقل، عياذاً بالله من ذلك ﴿ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ ﴾ أي وتركوا العمل به رغبة عنه. وقال الحسن : تركوا عرى دينهم ووظائف الله تعالى التي لا يقبل العمل إلاّ بها. وقال غيره : تركوا العمل فصاروا إلى حالة رديئة فلا قلوب سليمة ولا فطر مستقيمة ولا أعمال قويمة ﴿ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ على خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ ﴾ يعني مكرهم وغدرهم لك ولأصحابك. وقال مجاهد : يعني بذلك تمالؤهم على الفتك برسول الله ﷺ :﴿ فاعف عَنْهُمْ واصفح ﴾، وهذا هو عين النصر والظفر كما قال بعض السلف « ما عاملتَ من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه » وبهذا يحصل لهم تأليف وجمع على الحق ولعل الله أن يهديهم، ولهذا قال تعالى :﴿ إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين ﴾ يعني به الصفح عمن أساء إليك.