ثم قال تعالى :﴿ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ الله يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ أي من تاب بعد سرقته وأناب إلى الله، فإن الله يتوب عليه فيما بينه وبينه، فأما أموال الناس فلا بد من ردها إليهم أو بدلها عند الجمهور، وقال أبو حنيفة : متى قطع، وقد تلفت في يده فإنه لا يرد بدلها.
وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو :« أن امرأة سرقت على عهد الرسول ﷺ، فجاء بها الذين سرقتهم، فقالوا : يا رسول الله إن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها : فنحن نفديها، فقال رسول الله ﷺ :» اقطعوا يدها «، قالوا : نحن نفديها بخمسمائة دينار، فقال :» اقطعوا يدها «، فقطعت يدها اليمنى، فقالت المرأة هل لي من توبة يا رسول الله؟ قال :» نعم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك «، فأنزل الله في سورة المائدة :﴿ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ الله يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾، وهذه المرأة المخزومية التي سرقت، وحديثها ثابت في الصحيحين. وعن ابن عمر قال : كانت امرأة مخزومية تستعير متاعاً على ألسنة جارتها وتجحده فأمر النبي ﷺ بقطع يدها. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي. وقد ورد في أحكام السرقة أحاديث كثيرة مذكورة في كتاب الأحكام، ولله الحمد والمنة. ثم قال تعالى :﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ أي هو المالك لجميع ذلك الحاكم فيه الذي لا معقب لحكمه وهو الفعال لما يريد، ﴿ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.