قال ابن عباس : خلق لهم في التيه ثياب لا تَخْرق ولا تَدْرن، قال ابن جريج : فكان الرجل إذا أخذ من المن والسلوى فوق يوم فسد إلا أنهم كانوا يأخذون في يوم الجمعة طعام يوم السبت فلا يصبح فاسداً.
وقوله تعالى :﴿ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ أمر إباحة وإرشاد وامتنان، وقوله تعالى :﴿ وَمَا ظَلَمُونَا ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ أي أمرناهم بالأكل مما رزقناهم وأن يعبدوا كما قال :﴿ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ واشكروا لَهُ ﴾ [ سبأ : ١٥ ] فخالفوا وكفروا فظلموا أنفسهم. هذا مع ما شاهدوه من الآيات البينات، والمعجزات القاطعات، وخوارق العادات، ومن هاهنا تتبين فضيلة أصحاب محمد ﷺ ورضي عنهم على سائر أصحاب الأنبياء، في صبرهم وثباتهم، وعدم تعنتهم مع ما كانوا معه في أسفاره وغزواته، منها عام تبوك في ذلك القيظ والحرّ الشديد والجهد، لم يسألوا خرق عادة ولا إيجاد أمر مع أن ذلك كان سهلاً على النبي ﷺ، ولكن لما أجهدهم الجوع سألوه في تكثير طعامهم فجمعوا ما معهم فجاء قدْر مبرك الشاة فدعا الله فيه وأمرهم فملأوا كل وعاء معهم، وكذا لما احتاجوا إلى الماء سأل الله تعالى فجاءتهم سحابة فأمطرتهم فشربوا وسقوا الإبل وملأوا أسقيتهم ثم نظروا فإذا هي لم تجاوز العسكر.


الصفحة التالية
Icon