يقول تعالى مخبراً عن خسارة من كذب بلقائه وعن خيبته إذا جاءته الساعة بغتة، وعن ندامته على ما فرط من العمل، وما أسلف من قبيح الفعل، ولهذا قال :﴿ حتى إِذَا جَآءَتْهُمُ الساعة بَغْتَةً قَالُواْ ياحسرتنا على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا ﴾ وهذا الضمير يحتمل عوده على الحياة وعلى الأعمال وعلى الدار الآخرة أي في أمرها، وقوله :﴿ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ أي يحملون. وقال قتادة : يعملون، وقال ابن أبي حاتم عن أبي مرزوق قال : يستقبل الكافر أو الفاجر عند خروجه من قبره كأقبح صورة رأيتها وأنتنه ريحاً، فيقول : من أنت؟ فيقول : أو ما تعرفني؟ فيقول : لا والله، إلاَّ أنَّ الله قبح وجهك وأنتن ريحك، فيقول : أنا عملك الخبيث، هكذا كنت في الدنيا خبيث العمل منتنه، فطالما ركبتني في الدنيا، هلم أركبك، فهو قوله :﴿ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ ﴾ الآية، وقال السدي :« ليس من رجل ظالم يدخل قبره إلاّ جاءه رجل قبيح الوجه أسود اللون منتن الريح، وعليه ثياب دنسة حتى يدخل معه قبره، فإذا رآه قال : ما أقبح وجهك! قال : كذلك كان عملك قبيحاً، قال : ما أنتن ريحك، قال : كذلك كان عملك منتناً، قال : ما أدنس ثيابك! قال، فيقول : إن عملك كان دنساً، قال له : من أنت؟ قال : عملك، قال : فيكون معه في قبره، فإذا بعث يوم القيامة قال له : إني كنت أحملك في الدنيا باللذات والشهوات، وأنت اليوم تحملني، قال : فيركب على ظهره فيسوقه حتى يدخله النار، فذلك قوله :﴿ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ ﴾، وقوله :﴿ وَمَا الحياة الدنيآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾، أي إنما غالبها كذلك، ﴿ وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ ؟.


الصفحة التالية
Icon