وقوله تعالى :﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ ﴾ قال البخاري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال :« مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلاّ الله » ثم قرأ :﴿ إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة وَيُنَزِّلُ الغيث وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرحام وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ الله عَلَيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [ لقمان : ٣٤ ]، وفي حديث عمر أن جبريل حين تبدى له في صورة أعرابي، فسأل عن الإيمان والإسلام والإحسان. فقال له النبي ﷺ فيما قال له :« خمس لا يعلمهن إلاّ الله » ثم قرأ :﴿ إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة ﴾ الآية. وقوله :﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي البر والبحر ﴾ أي يحيط علمه الكريم بجميع الموجودات بريها وبحريها لا يخفى عليه من ذلك شيء ولا مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وما أحسن ما قاله الصرصري :

فلا يخفى عليه الذر إما تراءى للنواظر أو توارى
وقوله تعالى :﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا ﴾ أي ويعلم الحركات حتى من الجمادات، فما ظنك بالحيوانات ولا سيما بالمكلفون منهم من جنهم وإنسهم، كما قال تعالى :﴿ يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين وَمَا تُخْفِي الصدور ﴾ [ غافر : ١٩ ]. وقال ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا ﴾ قال : ما من شجرة في بر ولا بحر إلاّ وملك موكل بها يكتب ما يسقط منها، وقوله :﴿ وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرض وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ قال عبد الله بن الحارث : ما في الأرض من شجرة ولا مغرز إبرة إلاّ وعليها ملك موكل يأتي الله بعلمها رطوبتها إذا رطبت ويبوستها إذا يبست.


الصفحة التالية
Icon