يقول تعالى :﴿ وَذَرِ الَّذِينَ اتخذوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا ﴾ أي دعهم وأعرض عنهم وأمهلهم قليلاً فإنهم صائرون إلى عذاب عظيم، ولهذا قال :﴿ وَذَكِّرْ بِهِ ﴾ أي ذكر الناس بهذا القرآن وحذرهم نقمة الله وعذابه الأليم يوم القيامة، وقوله تعالى :﴿ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ أي لئلا تبسل، قال ابن عباس والحسن والسدي : تبسل : تسلم، وقال الوالبي عن ابن عباس تفتضح. وقال قتادة : تحبس، وقال ابن زيد : تؤاخذ، وقال الكلبي : تجزى، وكل هذا الأقوال والعبارات متقاربة في المعنى، وحاصلها الإسلام للهلكة، والحبس عن الخير، والارتهان عن درك المطلوب، كقوله :﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاَّ أَصْحَابَ اليمين ﴾ [ المدثر : ٣٨-٣٩ ]، وقوله :﴿ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ ﴾ أي لا قريب ولا أحد يشفع فيها، كقوله :﴿ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ والكافرون هُمُ الظالمون ﴾ [ البقرة : ٢٥٤ ]، وقوله :﴿ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ ﴾ أي ولو بذلت كل مبذول ما قبل منها كقوله :﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرض ذَهَباً ﴾ [ آل عمران : ٩١ ] الآية، وكذا قال هاهنا :﴿ أولئك الذين أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon