هذه الآية الكريمة رد على المشركين فيما كانوا يعتمدونه من الطواف بالبيت عراة، كما روي عن ابن عباس، قال : كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء، الرجال بالنهار، والنساء بالليل، وكانت المرأة تقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله | وما بدا منه فلا أحله |
وقوله تعالى :﴿ وكُلُواْ واشربوا ﴾ الآية، قال بعض السلف : جمع الله الطب كله في نصف آية :﴿ وكُلُواْ واشربوا وَلاَ تسرفوا ﴾، وقال البخاري، قال ابن عباس : كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان : سرف ومخيلة، وقال ابن عباس : أحل الله الأكل والشرب، ما لم يكن سرفاً أو مخيلة، وفي الحديث :« كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده »، وقال الإمام أحمد قال رسول الله ﷺ :« ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان فاعلاً لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه »، وفي الحديث :« إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت » وقال السدي : كان الذين يطوفون بالبيت عراة يحرمون عليهم الودك ( الدسم ) ما أقاموا في الموسم، فقال الله تعالى لهم :﴿ وكُلُواْ واشربوا ﴾ الآية، يقول : لا تسرفوا في التحريم، وقال مجاهد : أمرهم أن يأكلوا ويشربوا مما رزقهم الله، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ﴿ وَلاَ تسرفوا ﴾ ولا تأكلوا حراماً ذلك الإسراف، وقال ابن جرير، وقوله :﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المسرفين ﴾، يقول الله تعالى :﴿ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المعتدين ﴾ [ البقرة : ١٩٠ ] حده في حلال أو حرام، الغالين فيما أحل بإحلال الحرام أو بتحريم الحلال، ولكنه يحب أن يحلل ما أحل ويحرم ما حرم، وذلك العدل الذي أمر به.