يقول تعالى مخبراً عما يقول لهؤلاء المشركين به المفترين عليه المكذبين بآياته ﴿ ادخلوا في أُمَمٍ ﴾ أي من أمثالكم وعلى صفاتكم، ﴿ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ أي من الأمم السالفة الكافرة، ﴿ مِّن الجن والإنس فِي النار ﴾ ويحتمل أن يكون ﴿ في أُمَمٍ ﴾ أي مع أمم. وقوله :﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾ كما قال الخليل عليه السلام، ﴿ ثُمَّ يَوْمَ القيامة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [ العنكبوت : ٢٥ ] الآية. وقوله تعالى :﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا مِنَ الذين اتبعوا وَرَأَوُاْ العذاب وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسباب ﴾ [ البقرة : ١٦٦ ]، وقوله :﴿ حتى إِذَا اداركوا فِيهَا جَمِيعاً ﴾ أي اجتمعوا فيها كلهم ﴿ قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ ﴾ أي أخراهم دخولاً وهم ( الأتباع ) لأولادهم وهم ( المتبرعون ) لأنهم أشد جرماً من أتباعهم فدخلوا قبلهم فيشكوهم الأتباع إلى الله يوم القيامة لأنهم هم الين أضلوهم عن سواء السبيل، فيقولون :﴿ رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النار ﴾ أي أضعف عليهم، كما قال تعالى :﴿ وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا * رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العذاب ﴾ [ الأحزاب : ٦٧-٦٨ ] الآية : وقوله :﴿ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ﴾ أي قد فعلنا ذلك وجازينا كلاً بحسبه، كقوله :﴿ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله زِدْنَاهُمْ عَذَاباً ﴾ [ النحل : ٨٨ ] الآية، وقوله :﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ﴾ [ العنكبوت : ١٣ ]، وقوله :﴿ وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [ النحل : ٢٥ ] الآية، ﴿ وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ ﴾ أي قال المتبوعون للأتباع :﴿ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ ﴾، قال السدي : لقد ضللتم كما ضللنا، ﴿ فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾، وهذه الحال كما أخبر الله تعالى عنهم في حال محشرهم في قوله تعالى :﴿ وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ القول يَقُولُ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾ [ سبأ : ٣١ ] الآيات.