لما ذكر تعالى حال الأشقياء عطف بذكر حال السعداء فقال :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ أي آمنت قلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم ضد أولئك الذين كفروا بآيات الله واستكبروا عنها نبه تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل لأنه تعالى قال :﴿ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أولئك أَصْحَابُ الجنة هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾ أي من حسد وبغض، كما جاء في « صحيح البخاري » عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله ﷺ :« إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزلة في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا » وقال السدي في الآية : إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة وجدوا عند بابها شجرة، في أصل ساقها عينان، فشربوا من إحداهما، فينزع ما في صدورهم من غل فهو الشراب الطهور، واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم يشعثوا ولم يشحبوا بعدها أبداً. وقال علي رضي الله عنه : إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير ن الذيؤن قال الله تعالى فيهم :﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾. وروى النسائي وابن مردويه عن أبي هريرة قال، قال رسول الله ﷺ :« كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني فيكون له شكراً، وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني فيكون له حسرة »، ولهذا لما أورثوا مقاعد أهل النار من الجنة نودوا أن تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون، أي بسبب أعمالكم نالتكم الرحمة فدخلتم الجنة وتبوأتم منازلكم بحسب أعمالكم، وإنما وجب الحمل على هذا الحمل لما ثبت في « الصحيحين » عنه ﷺ :« واعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة »، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال :« ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته منه وفضل ».


الصفحة التالية
Icon