يخبر تعالى عن ذلة أهل النار وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم وأنهم لا يجابون إلى ذلك، قال السدي :﴿ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ المآء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله ﴾ يعني الطعام، وقال ابن أسلم : يستطعمونهم ويستسقونهم، وقال سعيد بن جبير : ينادي الرجل أباه أو أخاه فيقول له : قد احترقت، فأفض عليَّ من الماء، فيقال لهم أجيبوهم، فيقولون :﴿ إِنَّ الله حَرَّمَهُمَا عَلَى الكافرين ﴾، قال ابن أسلم ﴿ إِنَّ الله حَرَّمَهُمَا عَلَى الكافرين ﴾ : يعني طعام الجنة وشرابها، وسئل ابن عباس أي الصدقة أفضل؟ فقال، قال رسول الله ﷺ :« أفضل الصدقة الماء، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة، قالوا : أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله » ؟ ثم وصف تعالى الكافرين بما كانوا يعتمدونه في الدنيا باتخاذهم الدين لهواً ولعباً، واغترارهم بالدنيا وزينتها وزخرفها عما أمروا به من العمل للآخرة، وقوله :﴿ فاليوم نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هذا ﴾ أي يعاملهم معاملة من نسيهم، لأنه تعالى لا يشذ عن علمه شيء ولا ينساه كما قال تعالى :﴿ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى ﴾ [ طه : ٥٢ ]، وإنما قال تعالى هذا من باب المقابلة كقوله :﴿ نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ ﴾ [ التوبة : ٦٧ ]. وقال :﴿ كذلك أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وكذلك اليوم تنسى ﴾ [ طه : ١٢٦ ]، وقال تعالى :﴿ وَقِيلَ اليوم نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هذا ﴾ [ الجاثية : ٣٤ ]، وقال ابن عباس : نسيهم الله من الخير ولم ينسهم من الشر، وعنه : نتركهم كما تركوا لقاء يومهم هذا، وقال مجاهد : نتركهم في النار، وقال السدي : نتركهم من الرحمة كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا، وفي الصحيح أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول : بلى، أظننت أنك ملاقيَّ؟ فيقول : لا، فيقول الله تعالى : فاليوم أنساك كما نسيتني.


الصفحة التالية
Icon