يخبر تعالى عن شدة كفرهم وتمردهم وعتوهم وما هم فيه من الضلال، وما جبلت عليه قلوبهم من المخالفة للحق، ولهذا أقسموا وقالوا :﴿ لَئِنِ اتبعتم شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ ﴾، فلهذا عقبه بقوله :﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾، أخبر تعالى هنا أنهم أخذتهم الرجفة، وذلك كما أرجفوا شعيباً وأصحابه وتوعدوهم بالجلاء كما أخبر عنهم في سورة هود، فقال :﴿ وَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتبعتم شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾، والمناسبة هناك - والله أعلم - أنهم لم تهكموا به في قلوبهم ﴿ أصلاوتك تَأْمُرُكَ ﴾ [ هود : ٨٧ ] ؟ الآية، فجاءت الصيحة فأسكتتهم، وقال تعالى إخباراً عنهم في سورة الشعراء ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظلة إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [ الآية : ١٨٩ ]، وما ذاك إلا لأنهم قالوا له في سياق القصة :﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السمآء ﴾ [ الشعراء : ١٨٧ ] الآية، فأخبر أنه أصابهم عذاب يوم الظلة، وقد اجتمع عليهم ذلك كله أصابهم عذاب يوم الظلة، وهي سحابة أظلتهم، فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم، ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم، فزهقت الأرواح، وفاضت النفوس، وخمدت الأجسام ﴿ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾. ثم قال تعالى :﴿ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ﴾ أي كأنهم لما أصابتهم النقمة لم يقيموا بديارهم التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها. ثم قال تعالى مقابلاً لقيلهم :﴿ الذين كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الخاسرين ﴾.


الصفحة التالية
Icon