قوله تعالى ﴿ صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ مفسّر للصراط المستقيم، والذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في سورة النساء :﴿ وَمَن يُطِعِ الله والرسول فأولئك مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً ﴾ [ النساء : ٦٩ ]، وعن ابن عباس : صراط الذين أنعمتَ عليهم بطاعتك وعبادتك من ملائكتك وأنبيائك والصدّيقين والشهداء والصالحين، وذلك نظير الآية السابقة، وقال الربيع بن أنَس : هم النبيّون، وقال ابن جريج ومجاهد : هم المؤمنون، والتفسير المتقدم عن ابن عباس أعم وأشمل.
وقوله تعالى ﴿ غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضآلين ﴾ بالجر على النعت، والمعنى : اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمتَ عليهم ممن تقدم وصفهم ونعتهم، وهم أهل الهداية والاستقامة، غير صراط المغضوب عليهم وهم الذين علموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم، فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق، وأكد الكلام ب ( لا ) ليدل على أن ثَمَّ مسلكين فاسدين وهما : طريقة اليهود، وطريقة النصارى، فجيء ب ( لا ) لتأكيد النفي وللفرق بين الطريقتين ليجتنب كل واحدٍ منهما، فإن طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به، واليهودُ فقدوا العمل، والنصارى فقدوا العلم، ولهذا كان الغضب لليهود، والضلال للنصارى، لكن أخصُّ أوصاف اليهود الغضب كما قال تعالى عنهم :﴿ مَن لَّعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيْهِ ﴾ [ المائدة : ٦٠ ]، وأخص أوصاف النصارى الضلال كما قال تعالى عنهم :﴿ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السبيل ﴾ [ المائدة : ٧٧ ]، وبهذا وردت الأحاديث والآثار، فقد روي عن عدي بن حاتم أنه قال : سألت رسول الله ﷺ عن قوله تعالى :﴿ غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم ﴾ قال : هم اليهود ﴿ وَلاَ الضآلين ﴾ قال : النصارى. ويستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها :( آمين ) ومعناه : اللهم استجب، لما روي عن أبي هريرة أنه قال :« كان رسول الله إذا تلا ﴿ غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضآلين ﴾ قال : آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول ».


الصفحة التالية
Icon