، وقوله تعالى :﴿ وَمَا جَعَلَهُ الله إِلاَّ بشرى ﴾ الآية، أي وما جعل الله بعث الملائكة إلا بشرى ﴿ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ﴾، وإلا فهو تعالى قادر على نصركم على أعدائكم ﴿ وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله ﴾ أي بدون ذلك، ولهذا قال :﴿ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ ولكن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [ محمد : ٤ ] كما قال تعالى :﴿ وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس ﴾ [ آل عمران : ١٤٠ ]، فهذه حكم شرع الله جهاد الكفار بأيدي المؤمنين لأجلها، وقد كان تعالى إنما يعاقب الأمم السالفة المكذبة للأنبياء بالقوارع التي تعم تلك الأمم المكذبة، كما أهلك قوم نوح بالطوفان، وعادا الأولى بالدبور، وثمود بالصيحة، وقوم لوط بالخسف والقلب وحجارة السجيل، وقوم شعيب بيوم الظلة، فلما بعث الله تعالى موسى وأهلك عدوه وأنزل على موسى التوراة شرع فيها قتال الكفار واستمر الحكم في بقية الشرائع بعده على ذلك، كما قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القرون الأولى بَصَآئِرَ ﴾ [ القصص : ٤٣ ]، وقتل المؤمنين للكافرين أشد إهانة للكافرين، وأشفى لصدور المؤمنين، كما قال تعالى للمؤمنين :﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ﴾ [ التوبة : ١٤ ]، ولهذا كان قتل صناديد قريش بأيدي أعدائهم، أنكى لهم وأشفى لصدور حزب الإيمان، وقتل أبي جهل في معركة القتال أشد إهانة له من موته على فراشه بقارعة أو صاعقة أو نحو ذلك، ولهذا قال تعالى :﴿ إِنَّ الله عَزِيزٌ ﴾ أي له العزة ولرسوله وللمؤمنين بهما في الدنيا والآخرة، ﴿ حَكِيمٌ ﴾ فيما شرعه من قتال الكفار مع القدرة على دمارهم وإهلاكهم بحوله وقوته سبحانه وتعالى.