قال ابن عباس :﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أسرى ﴾ قال : غنائم بدر قبل أن يحلها لهم، يقول : لولا أني لا أعذب من عصاني حتى أتقدم إليه، لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم، وكذا روي عن مجاهد، وقال الأعمش : سبق منه أن لا يعذب أحداً شهد بدراً، وقال شعبة عن مجاهد ﴿ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ الله سَبَقَ ﴾ أي لهم بالمغفرة، وعن ابن عباس في قوله :﴿ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ الله سَبَقَ ﴾ يعني في أم الكتاب الأول أن المغانم والأسارى لكم ﴿ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ ﴾ من الأسارى ﴿ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾، ويستشهد لهذا القول بما أخرجاه في « الصحيحين » :« أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة » وقد روى الإمام أبو داود في سننه عن ابن عباس : أن رسول الله ﷺ جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة، وقد استمر الحكم في الأسرى عند جمهور العلماء أن الإمام مخير فيهم، إن شاء قتل كما فعل ببني قريظة، وإن شاء فادى بمال كما فعل بأسرى بدر، أو بمن أسر من المسلمين، كما فعل رسول الله ﷺ في تلك الجارية وابنتها اللتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع، حيث ردهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين الذين كانوا عند المشركين. وإن شاء استرق من أسر، هذا مذهب الإمام الشافعي وطائفة من العلماء، وفي المسألة خلاف آخر بين الأئمة مقرر في موضعه من كتب الفقه.