وأما أسماء السور فقد جعلت لها من عهد نزول الوحي، والمقصود من تسميتها تيسير المراجعة والمذاكرة. وقد دل حديث ابن عباس أن رسول الله - ﷺ - كان إذا نزلت الآية يقول :" ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا"، فسورة البقرة مثلا كانت تلقب بالسورة التي تذكر فيها البقرة. وفائدة التسمية أن تكون بما يميز السورة عن غيرها، وأصل أسماء السور أن تكون بالوصف كقولهم السورة التي يذكر فيها كذا، ثم شاع فحذفوا الموصول وعوضوا عنه الإضافة فقالوا سورة ذكر البقرة مثلا، ثم حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه فقالوا سورة البقرة. وقد ثبت في صحيح البخاري قول عائشة - رضي الله عنهم - :" لما نزلت الآيات من آخر البقرة" الحديث. وفيه عن ابن مسعود قال قرأ رسول الله النجم. وعن ابن عباس أن رسول الله سجد بالنجم. وما روي من حديث أنس مرفوعا " لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها آل عمران - وكذا القرآن كله"، أنكره أحمد وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ولكن ابن حجر أثبت صحته.
وأسماء السور إما أن تكون بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد، وإما أن تكون بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة لقمان وسورة يوسف وسورة البقرة، وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى نحو سورة هود وسورة إبراهيم، وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة، وسورة حم عسق، وسورة حم السجدة كما سماها بعض السلف، وسورة فاطر. وأن الصحابة لم يثبتوا في المصحف أسماء السور بل اكتفوا بإثبات البسملة في مبدأ كل سورة علامة على الفصل بين السورتين. وكتبت أسماء السور في المصاحف باطراد في عصر التابعين ولم ينكر عليهم ذلك. وأما ترتيب آيات السورة فإن التنجيم في النزول من المعلوم كما تقدم آنفا وذلك في آياته وسوره.


الصفحة التالية
Icon