والوجه الثاني: أن هذا الذي يظنونه شكاً أنا أولى به، فإنه ليس بشك، ولكنه طلب لمزيد اليقين.
وهذا على أحد التأويلات المذكورة في قول إبراهيم عليه السلام: ﴿رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي﴾، قالوا: فسأل زيادة اليقين، وقوة الطمأنينة، وإن لم يكن في الأول شك، إذ العلوم النظرية والضرورية قد تتفاضل في قوتها، فأراد الانتقال من النظر إلى المشاهدة، والترقي من علم اليقين إلى عين اليقين، فليس الخبر كالمعاينة.
قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله: سأل كشف غطاء العيان ليزداد بنور اليقين تمكناً في حاله.
وفي الآية وجوهٌ أخر لأهل التفسير، منها –وهو أظهرها- أنه عليه السلام أراد الطمأنينية بعلم كيفية الإحياء مشاهدةً، بعد العلم بها استدلالاً، فإن علم الاستدلال قد تطرق إليه الشكوك، بخلاف علم المعاينة فإنه ضروري.
ويكون معنى قوله تعالى: ﴿أولم تؤمن﴾ استفهام الإيجاب، كقول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا