وهب، عن جرير بن حازم، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ :
((لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاثاً)).
قال العلماء رحمهم الله: هذه الثلاث كلها خارجةٌ من الكذب، لا في القصد، ولا في غيره، وهي داخلةٌ في باب المعاريض التي فيها مندوحةٌ عن الكذب.
أما قوله: ﴿إني سقيمٌ﴾، فقصد به أنه سقيم القلب مما شاهده من كفرهم وعنادهم.
وقيل: بل كانت الحمى تأخذه عند طلوع نجمٍ معلوم، فلما رآه اعتذر بعادته.
وقيل: بل سقيم بما قدر علي من الموت.
وكل هذا ليس في كذب، بل هو صدق صحيح.
وأما قوله: ﴿بل فعله كبيرهم هذا﴾، فإنه علق خبره بشرط نطقه، كأنه قال: إن كان ينطق فهو فعله، على طريقة التبكيت لقومه. وهذا صدقٌ أيضاً ولا خُلف فيه.
وأما قوله ((أختي)) فقد بين في الحديث وقال: ((لأنك أختي في الإسلام))، وهو صدقٌ أيضاً.
وأما قوله ﷺ في حديث الشفاعة: ((ويذكر كذباته))، وقوله: ((لم يكذب إبراهيم إلا ثلاثاً))، فمعناه أنه لم يتكلم بكلام صورته صورة الكذب –وإن كان حقاً في الباطن- إلا هذه الكلمات.