ومن أمثلته: قوله تعالى: ﴿ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده﴾ ما المراد بالأشد هنا؟ لأن الأشد يتناول البلوغ، ويتناول ثلاثين سنة، وأربعين، وستين، وغير ذلك، لكن الله بين المراد بالأشد في حق اليتيم في سورة النساء بقوله: ﴿وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم..﴾.
ثم تأتي سنة النبي ﷺ مبينة للقرآن، كما قال تعالى: ﴿ونزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ قال الشافعي رحمه الله: "كل ما حكم به رسول الله ﷺ فهو مما فهمه من القرآن، قال تعالى: ﴿إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾..".
ثم أقوال الصحابة؛ لأنهم شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ما لم يشاهده غيرهم، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، عن ابن مسعود قال: "والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته"، وقال: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن"(١). فهم جمعوا العلم والعمل.
الركن الثاني: معرفة أسباب النزول.

(١) انظر: تفسير ابن كثير (١/١٣، تحقيق: الحويني).


الصفحة التالية
Icon