يقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (١٧)﴾ [سورة القمر ٥٤/١٧]، فهذا القرآن العظيم قد سهل الله ألفاظه للحفظ والأداء، ومعانيه للفهم والعلم؛ لأنه أحسن الكلام لفظًا، وأصدقه معنى، وأبينه تفسيرًا، فكل من أقبل عليه يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير، وسهله عليه، والذكر شامل لكل ما يتذكر به العالمون من الحلال والحرام، وأحكام الأمر والنهي، وأحكام الجزاء والمواعظ والعبر، والعقائد النافعة، والأخبار الصادقة، ولهذا كان علم القرآن حفظًا وتفسيرًا أسهل العلوم وأجلها، وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبد أعين عليه، قال بعض السلف عند هذه الآية: هل من طالب علم فيعان عليه(١)؟
ويقول الله جل وعلا: ﴿فإنما يسرناه بلسانك لعلم يتذكرون﴾، ويقول سبحانه: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً (٩٧)﴾ [سورة مريم ١٩/٩٧].
فهذه نعمة عظيمة؛ فهل من مدكر؟ هل من متعظ؟ هل من مقبل على كلام الله يفهمه ويتعلمه؟ والله يعينه ويوفقه ويسدده..
٣- هل فهم القرآن وتدبره مقتصر على العلماء؟
فهم القرآن وتدبره ليس مقصورًا على العلماء، بل كل واحد لا بد أن يأخذ حظه من القرآن، بحسب ما ييسره الله له، وبحسب ما معه من الفهم والعلم والإدراك؛ فالله تبارك وتعالى دعا عباده كلهم إلى تدبر القرآن وفهمه، لم يخص طائفة بذلك دون طائفة، ولو كان فهم القرآن وتدبره مقتصرًا على فئة من الناس لكان نفع القرآن محصورًا عليهم، ولكان الخطاب في الآية موجهًا إليهم، وهذا معلوم البطلان.
قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه؛ وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله(٢).
(٢) رواه ابن جرير في تفسيره (١/٥٧).