يملؤها، وهذا الاستفهام على سبيل التصديق لخبره، والتحقيق لوعده، والتقريع لأعدائه، والتنبيه لجميع عباده، وتقول جهنم ﴿هَل مِنْ مَزِيدٍ﴾، أي ما بقي فيَّ موضع للزيادة، كقوله عليه السلام: "هل ترك لنا عقيل من ربع أو منزل" أي ما ترك، فمعنى الكلام الجحد، ويحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الاستزادة، أي هل من مزيد فأزداد؟ وإنما صلح للوجهين؛ لأن في الاستفهام ضربا من الجحد، وقيل: ليس ثمَّ قول وإنما هو على طريق المثل، أي أنها فيما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة بذلك، كما قال الشاعر:
امتلأ الحوض وقال قطني | مهلا رويدا قد ملأت بطني |
ثم صنع القرطبي صنيع ابن كثير في الاستظهار لرأي المثبتين بالصحاح من الأحاديث التي ذكرنا بعضها من قبل، ومنها حديث وضع القدم، وإن كان له من المتأولين.. ٢.
٢- رأي الشوكاني:
وأما موقف الشوكاني فكان كما قال٣: ".. والأولى أنه على طريقة التحقيق ولا يمنع من ذلك عقل ولا شرع، قال الواحدي: قال المفسرون أراها الله تصديق قوله: (لأملأن جهنم) فلما امتلأت قال لها: ﴿هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَل مِنْ مَزِيدٍ﴾ ٤ أي قد امتلأت ولم يبق فيَّ موضع لم يمتلئ، وبهذا قال عطاء ومجاهد ومقاتل بن سليمان، وقيل إن هذا الاستفهام بمعنى الاستزادة، أي أنها تطلب الزيادة على من قد صار فيها، وقيل المعنى: أنها طلبت أن يزاد في سعتها لتضايقها بأهلها، والمزيد: إما مصدر كالمحيد، أو اسم مفعول كالمنيع، فالأول بمعنى هل من زيادة، والثاني بمعنى هل من شيء تزيدونيه.." ا؟.
ونختار من المؤلين:
١ قارن هذا بما سبق من تأويلات مجاهد رحمه الله، ليتضح لك منهجه.
٢ قال القرطبي في تفسيره ج ١٧ ص ١٩: (قال علماؤنا رحمهم الله: أما معنى القدم هنا فهم قوم يقدمهم إلى النار، وقد سبق في علمه أنهم من أهل النار، وكذلك الرجل وهو العدد الكثير من الناس وغيرهم، يقال رأيت رجلا من الناس ورجلا من جراد، وقال الشاعر:
فما بنا رجل من الناس وانزوى إليهم من الحي اليمانيين أرجل
واستشهد لصحة تأويل الرجل والقدم بالجمع من الناس بما ورد في تتمة الحديث "ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضول الجنة".
وليس هذا التأويل من القرطبي مسلما، فإن الحديث من أحاديث الصفات والخلاف حولها معروف بين المثبتين والنفاة.
٣ انظر تفسيره فتح القدير ج ٥ ص ٧٧.
٤ فيكون الاستفهام منها مقصودا به تقرير امتلائها، وعلى الثاني يكون على حقيقته الطلبية.
٢ قال القرطبي في تفسيره ج ١٧ ص ١٩: (قال علماؤنا رحمهم الله: أما معنى القدم هنا فهم قوم يقدمهم إلى النار، وقد سبق في علمه أنهم من أهل النار، وكذلك الرجل وهو العدد الكثير من الناس وغيرهم، يقال رأيت رجلا من الناس ورجلا من جراد، وقال الشاعر:
فما بنا رجل من الناس وانزوى إليهم من الحي اليمانيين أرجل
واستشهد لصحة تأويل الرجل والقدم بالجمع من الناس بما ورد في تتمة الحديث "ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضول الجنة".
وليس هذا التأويل من القرطبي مسلما، فإن الحديث من أحاديث الصفات والخلاف حولها معروف بين المثبتين والنفاة.
٣ انظر تفسيره فتح القدير ج ٥ ص ٧٧.
٤ فيكون الاستفهام منها مقصودا به تقرير امتلائها، وعلى الثاني يكون على حقيقته الطلبية.