التفسير القطع بأن مراد الله تعالى كذا والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون قطع وقيل التفسير ما يتعلق بالرواية والتأويل ما يتعلق بالدراية وقيل غير ذلك وعندي أنه إن كان المراد الفرق بينهما بحسب العرف فكل الأقوال فيه ما سمعتها وما لم تسمعها مخالفة للعرف اليوم إذ قد تعارف من غير نكير أن التأويل إشارة قدسية ومعارف سبحانية تنكشف من سجف العبارات للسالكين وتنهل من سحب الغيب على قلوب العارفين والتفسير غير ذلك وإن كان المراد الفرق بينهما بحسب ما يدل عليه اللفظ مطابقة فلا أظنك في مرية من رد هذه الأقوال أو بوجه ما فلا أراك ترضى إلا أن في كل كشف إرجاعا وفي كل إرجاع كشفا فأفهم وإما بيان الحاجة إليه فلأن فهم القرآن العظيم المشتمل على الأحكام الشرعية التي هي مدار السعادة الأبدية وهو العروة الوثقى والصراط المستقيم أمر عسير لا يهتدي إليه إلا بتوفيق من اللطيف الخبير حتى أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم على علو كعبهم في الفصاحة وإستنارة بواطنهم بما أشرق عليها من مشكاة النبوة كانوا كثيرا ما يرجعون إليه - ﷺ - بالسؤال عن أشياء لم يعرجوا عليها ولم تصل أفهامهم إليها بل ربما ألتبس عليهم الحال ففهموا غير ما أراده الملك المتعال كما وقع لعدي بن حاتم في الخيط الأبيض والأسود ولا شك أنا محتاجون إلى ما كانوا محتاجين إليه وزيادة ( وأما بيان شرفه ( فلان شرف العلم بشرف موضوعه وشرف معلومه وغايته وشدة الإحتياج إليه وهو حائز لجميعها فإن موضوعه كلام الله تعالى وماذا عسى أن يقال فيه ومعلومه مع أنه مراد الله تعالى الدال عليه كلامه جامع للعقائد الحقة والأحكام الشرعية وغيرها وغايته الإعتصام بالعروة الوثقى التي لا إنفصام لها والوصول إلى سعادة الدارين وشدة الإحتياج إليه ظاهرة مما تقدم بل هو رئيس جميع العلوم الدينية لكونها مأخوذة من الكتاب وهي تحتاج من حيث الثبوت أو من حيث الإعتداد إلى علم التفسير وهذا لا


الصفحة التالية
Icon