فهذا التفسير وإن كبر حجمه فقد كثر علمه وتوفر من التحقيق قسمه وأصاب غرض الحق سهمه واشتمل على ما في كتب التفاسير من بدائع الفوائد مع زوائد فوائد وقواعد شوارد فإن أحببت أن تعتبر صحة هذا فهذه كتب التفسير على ظهر البسيطة انظر تفاسير المعتمدين على الرواية ثم ارجع إلى تفاسير المعتمدين على الدراية ثم انظر في هذا التفسير بعد النظرين فعند ذلك يسفر الصبح لذي عينين ويتبين لك أن هذا الكتاب هو لب اللباب وعجب العجاب وذخيرة الطلاب ونهاية مارب الألباب وقد شميته
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير
مستمدا من الله سبحانه بلوغ الغاية والوصول بعد هذه البداية إلى النهاية راجيا منه جل جلاله أن يديم به الانتفاع ويجعله من الذخائر التي ليس لها انقطاع
واعلم أن الأحاديث في فضائل القرآن كثيرة جدا ولا يتم لصاحب القرآن ما يطلبه من الأجر الموعود به في الأحاديث الصحيحة حتى يفهم معانيه فإن ذلك هو الثمرة من قراءة
قال القرطبي ينبغي له أن يتعلم أحكام القرآن فيفهم عن الله مراده وما فرض عليه فينتفع بما قرأ ويعمل بما يتلو فما أقبح بحامل القرآن يتلو فرائضه وأحكامه عن ظهر قلب وهو لا يفهم معنى ما يتلوه فكيف يعمل بما لا يفهم معناه وما أقبح به أن يسال عن فقه ما يتلوه ولا يدريه فما مثل من هذه حالته إلا كمثل الحمار يحمل أسفارا وينبغي له أن يعرف المكي من المدني ليفرق بين ما خاطب الله به عباده في أول الإسلام وما ندبهم إليه في آخر الإسلام وما فرض في أول الإسلام وما زاد عليهم من الفرائض في آخره فالمدني هو الناسخ للمكي في أكثر القرآن


الصفحة التالية
Icon