ولا تكاد تجدُ هذا الاستعمالَ في حالِ سَعَةٍ ولا اختيار «. واستشكل بعضهم هذه العبارةَ، وقال:» لا أَدْري ما معنى قوله: «لأن النصبَ إمَّا أن تحمله على خَتَم الظاهر»، وكيف تَحْمِل «غشاوةً» المنصوبَ على «ختم» الذي هو فعل وهذا ما لا حَمْلَ فيه؟ «. ثم قال:» اللهم إلا أن يكونَ أراد أنَّ قوله تعالى ﴿خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ﴾ دعاءٌ عليهم لا خبرٌ، ويكون غشاوةً في معنى المصدر المَدْعُوِّ به عليهم القائم مقامَ الفعلِ فكأنه قيل: وغَشَّى الله على أبصارهم، فيكون إذ ذاك معطوفاً على «خَتَم» عَطْفَ المصدر النائبِ منابَ فعلِهِ في الدعاء، نحو: «رَحِمَ الله زيداً وسقياً له»، فتكونُ إذ ذاكَ قد حُلْتَ بين «غشاوة» المعطوفِ وبين «ختم» المعطوفِ عليه بالجار والمجرور «انتهى، وهو تأويلٌ حسنٌ، إلا أن فيه مناقشةً لفظيةً، لأن الفارسي ما ادَّعى الفصلَ بين المعطوف والمعطوفِ عليه إنما ادَّعى الفصلَ بين حرف العطف والمعطوف به أي بالحرفِ، فتحرير التأويلِ أنْ يقال: فيكونُ قد حُلْتَ بين غشاوة وبين حرفِ العطفِ بالجارِّ والمجرور.
وقُرئ» غشاوة «بفتح العين وضَمِّها، و» عشاوة «بالمهملة. وأصوبُ القراءاتِ المشهورةُ، لأن الأشياءَ التي تَدُلُّ على الاشتمالِ تجيء أبداً على هذه الزنة كالعِمامة/ والضِمامة والعِصابة.
والخَتْمُ لغةً: الوَسْمُ بطابع وغيره و» القلبُ «أصله المصدرُ فسُمُّي به هذا العضوُ، وهو اللَّحْمة الصَّنَوْبَرِيَّة لسُرعة الخواطِر إليه وتردُّدِها، عليه، ولهذا قال: