لا تُزاد في خبر «ما» إلا إذا كانَتْ عاملةَ، وهذا مردودٌ بقول الفرزدق، وهو تميمي:

١٧٠ - لَعَمْرُكَ ما مَعْنٌ بتاركِ حَقِّه ولا مُنْسِئٌ مَعْنٌ ولا مُتَيَسِّرُ
إلا أنَّ المختارَ في «ما» أن تكونَ حجازِيةً، لأنه لمَّا سقطت الباءُ صَرَّح بالنصب قال الله تعالى: ﴿مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾ [المجادلة: ٢] ﴿مَا هذا بَشَراً﴾ [يوسف: ٣١] وأكثرُ لغةِ الحجاز زيادةُ الباء في خبرها، حتى زعم بعضُهم أنه لم يَحْفَظِ النصبَ في غير القرآن إلا في قول الشاعر:
١٧١ - وأنا النذيرُ بحَرَّةٍ مُسْوَدَّةٍ تَصِل الجيوشُ إليكمُ أَقْوادَها
أبناؤُها متكنِّفَون أباهُمُ حَنِقُو الصدورِ وما هُمُ أولادَها
وأتى بالضمير في قوله: ﴿وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾ جمعاً اعتباراً بمعنى «مَنْ» كما تقدم في قولِه «آمنَّا». فإنْ قيل: لِمَ أتى بخبر «ما» اسمَ فاعل غيرَ مقيَّدٍ بزمان ولم يُؤْتَ بعدها بجملةٍ فعلية حتى يطابقَ قولَهم «آمنَّا» فيقال: وما آمنوا؟ فالجوابُ: أنه عَدَلَ عن ذلك ليفيدَ أنَّ الإِيمانَ منتفٍ عنهم في جميعِ الأوقات فلو أُتِيَ به مطابقاً لقولهم «آمنَّا» فقال: وما آمنوا لكان يكونُ نفياً للإِيمان في


الصفحة التالية
Icon