كان زيد قائماً كوناً»، قالوا: لأن الخبرَ كالعوضِ من المصدر، ولا يُجْمع بين العِوَضِ والمُعَوَّضِ منه، وحينئذٍ فلا حاجةَ إلى ضميرٍ عائدٍ على «ما» لأنها حرفٌ مصدريٌّ على الصحيح خلافاً للأخفش وابنِ السراجِ في جَعْلِ المصدريَّة اسماً. ويجوز أن تكونَ «ما» بمعنى الذي، وحينئذ فلا بدَّ من تقديرِ عائدٍ أي: بالذي كانوا يكذِّبونه، وجاز حَذْفُ العائدِ لاستكمالِ الشروط، وهو كونُه منصوباً متصلاً بفعل، وليس ثَمَّ عائدٌ آخرُ.
وزعم أبو البقاء أنَّ كونَ ما موصولةً اسمية هو الأظهرُ، قال: «لأن الهاء المقدرةَ عائدةٌ على» الذي «لا على المصدرِ» وهذا الذي قاله غيرُ لازمٍ، إذ لقائلٍ أن يقولَ: لا نُسَلِّم أنه لا بدَّ من هاءٍ مقدرة، حتى يلزمَ جَعْلُ «ما» اسميةً، بل مَنْ قرأ «يَكْذِبون» مخففاً فهو عنده غيرُ متعَدٍّ لمفعولٍ، ومَنْ قرأه مشدَّداً فالمفعولُ محذوفٌ لِفَهْم المعنى أي: بما كانُوا يُكَذِّبون الرسولَ والقرآنَ، أو يكون المشددُ بمعنى المخَفَّف. وقرأ الكوفيون: «يَكْذِبون» بالفتح والتخفيفِ، والباقون بالضمِّ والتشديدِ.
ويُكَذِّبون مضارع كَذَّب بالتشديد، وله معانٍ كثيرة: الرَّمْيُ بكذا، ومنه الآيةُ الكريمةُ، والتعديةُ نحو: فَرَّحْتُ زيداً، والتكثير نحو: قَطَّعْتُ