نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: ٣٤]. و ﴿التي أَنْعَمْتُ﴾ صفتُها والعائدُ محذوفٌ. فإنْ قيل: مِنْ شرطِ حَذْفِ عائدِ الموصولِ إذا كان مجروراً أن يُجَرَّ الموصولُ بمثلِ ذلك الحرفِ وأَنْ يَتَّحِدَ متعلَّقُهما، وهنَا قد فُقِد الشرطان، فإنَّ الأصلَ: التي أنعمتُ بها، فالجوابُ أنه إنما حُذِف بعد أَنْ صار منصوباً بحَذْفِ حَرْفِ الجرِّ اتساعاً فبقي: أنعمتُها، وهو نظيرُ: ﴿كالذي خاضوا﴾ [التوبة: ٦٩] في أحدِ الأوجه، وسيأتي تحقيقُه إنْ شاء الله تعالى.
و «عليكُمْ» متعلِّقٌ به، وأتى ب «على» دلالةً على شمولِ النعمةِ لهم.
قوله: ﴿وَأَوْفُواْ بعهدي﴾ هذه جملةٌ أمريةٌ عطْفٌ على الأمريَّةِ قبلَها، ويقال: أَوْفَى وَوَفَى وَوَفَّى مشدَّداً ومخففاً، ثلاثُ لغاتٍ بمعنىً، قال الشاعر:

٤٠٤ - أمَّا ابنُ طَوْقٍ فقد أَوْفَى بذِمَّتِه كما وَفَى بقِلاصِ النَّجْمِ حادِيها
فَجَمَع بين اللغتين. ويقال: أَوْفَيْتُ وفَيْتُ بالعهدِ وأَوْفَيت الكيلَ لا غيرُ. وعن بعضِهم أنَّ اللغاتِ الثلاثَ واردةٌ في القرآن، أمَّا «أَوْفى»


الصفحة التالية
Icon