لا تَزِرُ أو هو أَنْ لا تَزِرُ، وهو جوابٌ لسؤالٍ مقدر كأنَّ قائلاً قال: وما في صُحُفهما؟ فأجيب بذلك. قلت: ويجوزُ أَنْ يكونَ نصباً بإضمار أعني جواباً لذلك السَّائل. وكلُّ موضعٍ أُضْمِرَ فيه هذا المبتدأُ لهذا المعنى أُضْمِرَ فيه هذا الفعلُ.
قوله: ﴿وَأَن لَّيْسَ﴾ : هي المخففةُ أيضاً. ولم يُفْصَلْ هنا بينها وبين الفعلِ لأنه لا يَتَصَرَّفُ. ومحلُّها الجرُّ أو الرفعُ أو النصبُ لعَطْفِها على أَنْ قبلَها، وكذلك محلُّ «وأَنَّ سَعْيَه» و «يُرَى» مبني للمفعول فيجوزُ أَنْ يكونَ من البصرية أي: يُبْصَر، وأن يكونَ من العِلميَّة، فيكونُ الثاني محذوفاً أي: يُرى حاضراً، والأولُ أوضحُ. وقال مكي: «وأجاز الزجَّاج» يَرى «بفتح الياء على إضمارِ الهاءِ أي: سوفَ يَراه، ولم يُجِزْه الكوفيون لأنَّ سَعْيَه يَصير قد عملَ فيه» أنَّ «و» يَرى «وهو جائزٌ عند المبرد وغيرِه؛ لأن دخولَ» أنَّ «على» سَعْيَه «وعملَها يَدُلُّ على أن الهاء المحذوفة مِنْ» يَرَى «، وعلى هذا جَوَّز البصريون:» إنَّ زيداً ضربْتُ «بغير هاء». قلت: وهو خلافٌ ضعيفٌ؛ توهَّموا أن الاسمَ تَوَجَّه عليه عاملان مختلفان في الجنسيةِ، وإنما قلتُ في الجنسية لأنَّ رأيَ بعضِهم أنه يُعْمِلُ فعلَيْن في معمولٍ واحدٍ، ومنه بابُ التنازع في بعض صورِه نحو: قام وقعد زيدٌ، وضربْتُ وأكرمْتُ عَمْراً، وأن يعملَ عاملٌ واحدٌ في اسمٍ وفي ضميرِه معاً نحو: «زيداً ضربتُه» في باب الاشتغال، وهذا توهُّمٌ باطلٌ لأنَّا نقولُ «سَعْيَه» منصوبٌ ب «أنَّ»، و «يَرى» متسلِّطٌ على ضميره المقدر.