قلت: فظاهرُ هذا أنه لم يُقْرَأْ به، وقد حكى أبو البقاء أنه قُرِىء به شاذَّاً، ولكنه ضَعَّفه مِنْ جهةٍ أخرى فقال: «وقُرِىء بفتح الياء وهو ضعيفٌ؛ لأنه ليس فيه ضميرٌ يعودُ على اسم» أنَّ «وهو السَّعْي، والضميرُ الذي فيه للهاءِ، فيبقى الاسمُ بغير خبرٍ، وهو كقولِك:» إنَّ غلامَ زيدٍ قامَ «وأنت تعني: قام زيدٌ، فلا خبرَ لغلام. وقد وُجِّه على أن التقديرَ: سوف يَراه فتعودُ الهاءُ على السعي وفيه بُعْدٌ» انتهى. وليت شعري كيف توهَّم المانعَ المذكورَ، وكيف نَظَّره بما ذكر؟ ثم أيُّ بُعْدٍ في تقدير: سوف يَرى سعي نفسِه؟ وكأنَّه اطلع على مذهبِ الكوفيين في المنعِ إلاَّ أنَّ المُدْرَك غيرُ المُدْرِك.
قوله: ﴿ثُمَّ يُجْزَاهُ﴾ : يجوزُ فيه وجهان، أظهرهما: أنَّ الضميرَ المرفوعَ عائدٌ على الإِنسان، والمنصوبَ عائدٌ على سعيه. والجزاء مصدرٌ مبيِّنٌ للنوع. والثاني: قال الزمخشريُّ: «ويجوزُ أَنْ يكونَ الضميرُ للجزاء، ثم فَسَّره بقولِه» الجزاءَ «، أو أبدلَه عنه كقولِه: ﴿وَأَسَرُّواْ النجوى الذين ظَلَمُواْ﴾ [الأنبياء: ٣]. قال الشيخ:» وإذا كان تفسيراً للضميرِ المنصوبِ في «يُجْزاه» فعلى ماذا ينتصِبُ، وأمَّا إذا كان بدلاً فهو مِنْ بدلِ الظاهرِ/ من المضمرِ، وهي مسألةُ خلافٍ والصحيحُ المنعُ «.
قلت: العجبُ كيف يقولُ: فعلى ماذا ينتصِبُ؟ وانتصابُه من


الصفحة التالية
Icon