ينخفضُ ما هو مرتفعٌ ويرتفعُ ما هو منخفضٌ». قال الشيخ: «ولا يجوزُ أَنْ تنتصِبَ بهما معاً بل بأحدِهما، لأنه لا يجتمعُ مؤثِّران على أثرٍ واحد». قلت: معنى كلامِه أنَّ كلاً منهما متسلِّطٌ عليه من جهة المعنى، وتكونُ المسألة من التنازع، وحيئنذٍ تكون العبارةُ صحيحةً إذ يَصْدُقُ أنَّ كلاً منهما عاملٌ فيه، وإن كان على التعاقُب.
والرَّجُّ: التحريكُ الشديدُ بمعنى زُلزلت. وبُسَّت الجبالُ: سُيِّرت مِنْ قولهم: بَسَّ الغنمَ، أي: ساقَها أو بمعنى فُتِّتَتْ كقوله: ﴿يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً﴾ [طه: ١٠٥] يدلُّ عليَه ﴿فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً﴾. وقرأ زيد بن علي «رَجَّتْ» و «بَسِّتْ» مبنيين للفاعل على أنِّ رجَّ وبَسَّ يكونان لازمَيْن ومُتَعَدِّيَيْن، أي: اُزِيحت وذهَبَتْ. وقرأ النخعي «مْنْبَتَّاً» بنقطتين مِنْ فوق، أي: متقطعاً من البَتِّ. ومعنى الآية يَنْبو عنه.
قوله: ﴿فَأَصْحَابُ الميمنة مَآ أَصْحَابُ الميمنة﴾ :«أصحاب» الأولى مبتدأٌ، و «ما» استفهامٌ فيه تعظيمٌ مبتدأٌ ثانٍ، و «أصحاب» الثاني خبرُه والجملةُ خبرُ الأولِ، وتكرارُ المبتدأ هنا بلفظِه مُغْنٍ عن الضمير ومثلُه ﴿الحاقة مَا الحآقة﴾ [الحاقة: ١-٢] ﴿القارعة مَا القارعة﴾ [القارعة: ١-٢] ولا يكون ذلك إلاَّ في مواضعِ التعظيم. وهنا سؤالٌ: وهو أنَّ «ما» نكرةٌ وما بعده معرفةٌ، فكان ينبغي أَنْ يقال «ما» خبر مقدمٌ، «وأصحاب» الثاني


الصفحة التالية
Icon