لم نَرُدُّه عليك إلاَّ أننا حُرُمٌ» وإن كان القياسُ يَقْتضي جوازَ فَتْحِه تخفيفاً، وبهذا الذي ذكرْتُه يظهر فسادُ رَدِّ/ مَنْ رَدَّ: بأنَّ هذا لو كان نَهْياً لكان يُقال: «لا يَمَسَّه» بالفتح؛ لأنه خَفي عليه جوازُ ضَمِّ ما قبل الهاءِ في هذا النحوِ، لا سيما على رأيِ سيبويه فإنه لا يُجيز غيرَه. وقد ضَعَّفَ ابنُ عطية كونَه نهياً: بأنه إذا كان خبراً فهو في موضعِ الصفةِ، وقولُه بعد ذلك «تنْزيلٌ» صفةٌ فإذا جعلناه نَهْياً كان أجنبياً معترضاً بين الصفاتِ وذلك لا يَحْسُن في رَصْفِ الكلامِ فتدبَّرْه. وفي حرف ابن مسعود «ما يمسُّه» انتهى.
وليس فيما ذكرَه ضَعْفٌ لهذا القول؛ لأنَّا لا نُسَلِّم أنَّ «تنزيل» صفةٌ، بل هو خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو تنزيلٌ فلا يَلْزَم ما ذَكرَه من الاعتراضِ. ولَئِنْ سَلَّمْنَا أنه صفةٌ ف «لا يَمَسُّه» صفةٌ أيضاً، فيُعْترض علينا: بأنه طلبٌ. فيُجاب: بأنه على إضمارِ القولِ أي: مقولٌ فيه: لا يمسُّه، كما قالوا ذلك في قوله: «فتنةً لا تصيبَنَّ» على أنَّ «لا تصيبنَّ» نَهْيٌ وهو كقولِه:
٤٢٢٨ - جاؤوا بمَذْقٍ هل رأيْتَ الذئبَ قطّ | وقد تقدَّم تحقيقُه في الأنفال، وهذه المسألةُ يتعلَّقُ بها خلافُ |