ووَضْعُ المصدرِ موضعَ اسم المفعولِ خلافُ الأصلِ، فيلزمُ الخروجُ عن الأصل بشيئين: بالمصدرِ المؤولِ.
ثم وقوعِه موقعَ اسمِ المفعول، والمحفوظُ من لسانِهم إنما هو وَضْعُ المصدرِ الصريح موضعَ المفعولِ لا المصدرِ المؤولِ فاعرِفْه. لا يُقال: إنَّ جَعْلَها غيرَ مصدريةٍ يُحْوِجُ إلى تقديرِ حذفِ مضافٍ ليصِحَّ المعنى به أي: يعودون لوَطْءِ التي ظاهَرَ منها، أو امرأةٍ ظاهَرَ منها، أو يعودون لإِمساكِها، والأصلُ عدمُ الحذفِ؛ لأن هذا مشتركُ الإِلزام لنا ولكم، فإنكم تقولون أيضاً: لا بُدَّ مِنْ تقديرِ مضافٍ أي: يعودون لوَطْءِ أو لإِمساكِ المقولِ فيه الظِّهارُ. ويدل على جوازِ كَوْنِ «ما» في هذا الوجهِ غيرَ مصدريةٍ ما أشار إليه أبو البقاء، فإنه قال: «يتعلَّقُ ب» يعودون «بمعنى: يعودون للمقول فيه. هذا إنْ جَعَلْتَ» ما «مصدريةً، ويجوز أَنْ تجعلَها بمعنى الذي ونكرةً موصوفةً».
الثاني: أنَّ اللامَ تتعلَّقُ ب «تحرير». وفي الكلامَ تقديمٌ وتأخيرٌ. والتقدير: والذين يُظاهرون مِنْ نِسائِهم فعليهم تحريرُ رقبةٍ؛ لِما نَطقوا به من الظِّهار ثم يعودُون للوَطْءِ بعد ذلك. وهذا ما نقله مكيٌّ وغيرُه عن أبي الحسن الأخفش. قال الشيخ: «وليس بشيءٍ لأنه يُفْسِدُ نَظْمَ الآية». وفيه نظرٌ. لا نُسَلِّم فسادَ النظمِ مع دلالةِ المعنى على التقديمِ والتأخير، ولكنْ نُسَلِّم أنَّ ادعاءَ التقديمِ والتأخيرِ لا حاجةَ إليه؛ لأنه خلافُ الأصل.