كقولِه: ﴿إِذِ الأغلال﴾ [غافر: ٧١] وقد تقدَّم الكلامُ فيه. الثالث: أنها بمعنى «إنْ» الشرطيةِ وهو قريبٌ مِمَّا قبلَه، إلاَّ أنَّ الفرقَ بين «إنْ» و «إذا» معروفٌ. ورُوي عن أبي عمرو «خَبِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ» بالياءِ مِنْ تحتُ. والمشهورُ عنه بتاءِ الخطاب كالجماعة.
قوله: ﴿مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ﴾ : يجوزُ في هذه الجملةِ ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها مستأنفةٌ لا موضعَ لها من الإِعراب. أخبر عنهم بأنهم ليسوا من المؤمنين الخُلَّصِ. ولا من الكافرين الخلَّصِ، بل كقولِه: ﴿مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء﴾ [النساء: ١٤٣]. فالضميرُ في «ما هم» عائدٌ على الذين تَوَلَّوا، وهم المنافقون. وفي «منهم» عائدٌ على اليهود أي: الكافرين الخُلَّص. والثاني: أنها حالٌ مِنْ فاعل «تَوَلَّوا» والمعنى: على ما تقدَّم أيضاً. والثالث: أنها صفةٌ ثانيةً ل «قوماً»، فعلى هذا يكون الضميرُ في «ما هم» عائداً على «قوماً»، وهم اليهودُ. والضميرُ في «منهم» عائدٌ على الذين تَوَلَّوا يعني: اليهودُ ليسوا منكم أيها المؤمنون، ولا من المنافقين، ومع ذلك تولاَّهم المنافقون، قاله ابن عطية. إلاَّ أنَّ فيه تنافُرَ الضمائرِ؛ فإن الضميرَ في «ويَحْلِفون» عائدٌ على الذين تَوَلَّوْا، فعلى الوجهين الأوَّلَيْن تتحد الضمائرُ لعَوْدِها على الذين تَوَلَّوا، وعلى الثالث تختلفُ كما عَرَفْتَ تحقيقَه.
قوله: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ جملةٌ حاليةٌ أي: يعلمون أنه كذِبٌ فيَمينُهم يمينٌ غموسٌ لا عُذْرَ لهم فيها.


الصفحة التالية
Icon