لتقديمٍ ولا تأخيرٍ؛ لأنَّ القصدَ الإِخبارُ عن الحصون، ولأنَّ الإِضافةَ غيرُ مَحْضَةٍ، فهي نكرةٌ. والثاني: أَنْ يكونَ» مانِعَتُهم «خبرَ» أنهم «وحصونُهم» فاعلٌ به. نحو: إنَّ زيداً قائمٌ أبوه، وإنَّ عَمْراً قائمةٌ جاريتُه. وجعله الشيخ أَوْلى؛ لأنَّ في نحو: قائمٌ زيد على أَنْ يكونَ خبراً مقدماً ومبتدأً مؤخراً خلافاً والكوفيون يمنعونَه فمحلُّ الوِفاق أَوْلى.
وقال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: أيُّ فَرْقٍ بين قولِك» وظنُّوا أنَّ حصونَهم تمنعُهم، أو مانِعَتُهم، وبين النظم الذي جاء عليه؟ قلت: [في] تقديمِ الخبرِ على المبتدأ دليلٌ على فَرْطِ وُثوقِهم بحَصانتِها ومَنْعِها إياهم، وفي تصييرِ ضميرِهم اسماً ل «أنَّ» وإسناد الجملةِ إليه دليلٌ على اعتقادِهم في أنفسِهم أنَّهم في عِزَّةٍ ومَنَعَة لا يُبالى معها بأحد يَتَعرَّضُ لَهم، وليس ذلك في قولك «حُصُونهم تَمْنعهم» انتهى. وهذا الذي ذكره إنما يَتأتَّى على الإِعرابِ الأولِ، وقد تقدَّم أنه مَرْجوحٌ، وتَسَلَّطَ الظنُّ هنا على «أنَّ» المشددةِ، والقاعدةُ أنه لا يعملُ فيها ولا في المخففةِ منها إلاَّ فعلُ عِلْمٍ ويقينٍ، إجراءً له مُجْرى اليقين لشدَّتِه وقوتِه وأنَّه بمنزلةِ العلم.
قوله: ﴿يُخْرِبُونَ﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً للإِخبار به، وأن يكونَ حالاً مِنْ ضميرِ «قلوبِهم» وليس بذاك. وقرأ أبو عمرو «يُخَرِّبون»