أبو البقاء: «قولُه:» لا يَنْصُرُوْنَهم «لَمَّا كان الشرطُ ماضياً تُرِكَ جَزْمُ الجوابِ» انتهى. وهو غَلَطٌ؛ لأنَّ «لا يَنْصُرونهم» ليس جواباً للشرطِ، بل هو جوابٌ للقسم، وجواب الشرطِ محذوفٌ كما تقدَّمَ تقريرُه، وكأنه توهَّم أنه من بابِ قوله:

٤٢٥١ - وإن أتاه خليلٌ يومَ مَسْأَلَةٍ يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
وقد سبق أبا البقاء ابنُ عيطة إلى ما يُوْهِم شيئاً من ذلك، ولكنه صرَّح بأنه جوابُ القسم، وقال: «جاءت الأفعالُ غير مجزومةٍ في» لا يَخْرجون «ولا» يَنْصُرون «لأنها راجعةٌ على حكم القسم لا على حكمِ الشرط. وفي هذا نظرٌ» وقوله: «وفي هذا نظر» مُوْهِمٌ أنه جاء على خلافِ ما يقتضيه القياسُ، وليس كذلك، بل جاء على ما يَقْتضيه القياسُ. وفي هذه الضمائرِ قولان، أحدهما: أنها كلَّها للمنافقين. والثاني: أنها مختلفةٌ، بعضُها لهؤلاء وبعضُها لهؤلاء.
قوله: ﴿لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً﴾ :«رهبةً» مصدرٌ مِنْ رُهِبَ المبنيِّ للمفعولِ، فالرهبةُ واقعةٌ من المنافقين لا مِنْ المخاطبين، كأنه قيل: لأنتم أشدُّ مرهوبيَّةً في صدورِهم من اللهِ فالمخاطبون مَهوبون، وهو كقولِ كعبِ بن زهير رضي الله عنه في مَدْح رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم:


الصفحة التالية
Icon