الباء» ثم قال: «وبَراء في الأصلِ مصدرٌ» كأنه لم يَطَّلِعْ عليها قراءةً منقولةً.
قوله: ﴿إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ﴾ فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه استثناءٌ متصلٌ مِنْ قولِه: «في إبراهيم» ولكنْ لا بُدَّ مِنْ حذفِ مضافٍ ليصِحَّ الكلامُ، تقديرُه: في مقالات إبراهيم/ إلاَّ قولَه كيت وكيت. الثاني: أنه مستثنى مِنْ «أسوةٌ حسنةٌ» وجاز ذلك لأن القولَ أيضاً من جملة الأُسْوة؛ لأن الأسوةَ الاقتداءُ بالشخص في أقوالِه وأفعالِه، فكأنه قيل لكم: فيه أُسْوة في جميع أحوالِه من قَوْلٍ وفِعْلٍ إلاَّ قولَه كذا. وهذا عندي واضحٌ غيرُ مُحْوِجٍ إلى تقديرِ مضافٍ وغيرُ مُخْرِجِ الاستثناءِ من الاتصالِ الذي هو أصلُه إلى الانقطاع، ولذلك لم يذكُر الزمخشريُّ غيرَه قال: «فإنْ قلتَ مِمَّ استثنى قَولَه: ﴿إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ﴾ ؟ قلت مِنْ قولِه:» أُسْوَةٌ حسنةٌ «لأنه أرادَ بالأُسوةِ الحسنةِ قولهم الذي حَقَّ عليهم أَنْ يَأْتَسُوا به ويتخذوه سنةً يَسْتَنُّون بها.
فإنْ قلت: فإنْ كانَ قولُه: «لأستغفرَنَّ لك» مستثنى من القولِ الذي هو أُسْوَةٌ حسنةٌ فما بالُ قولِه: ﴿وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ الله مِن شَيْءٍ﴾، وهو غيرُ حقيقٍ بالاستثناء. ألا ترى إلى قولِه: ﴿قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ الله شَيْئاً﴾ [الفتح: ١١] قلت: أرادَ استثناءَ جملةِ قولِه لأبيه، والقصدُ إلى موعدِ الاستغفارِ له وما بعده مبنيٌّ عليه وتابعٌ له. كأنه قال: أنا أستغفر لك وما في طاقتي إلاَّ الاستغفارُ «. الثالث: قال ابن عطية:» ويحتمل أن يكون الاستثناءُ من التبرُّؤِ والقطيعة التي ذُكِرت أي: لم تُبْقِ صلةً إلاَّ كذا «. الرابع: أنه استثناءٌ