وقد صرَّح الزمخشري بذلك فإنه قال: «وإنْ سبقكم وانفَلَت منكم شيءٌ مِنْ أزواجكم، أحدٌ منهن إلى الكفار وفي قراءة ابنِ مسعود» أحد «فهذا تصريحٌ بأنَّ المرادَ بشيء النساءُ الفارَّاتُ. ثم قال:» فإنْ قلتَ: هل لإِيقاع «شيء» في هذا الموقعِ فائدةٌ؟ قلت: نعم الفائدةُ فيه: أن لا يُغادِرَ شيئاً من هذا الجنسِ، وإنْ قَلَّ وحَقُر، غيرَ مُعَوَّضٍ منه، تَغْليظاً في هذا الحكم وتشديداً فيه «ولولا نَصُّهُ على أنَّ المرادَ ب» شيء «» أحد «كما تقدَّم لكَان قولُه:» أن لا يغادِرَ شيئاً من هذا الجنس وإن قَلَّ وحَقُر «ظاهراً في أنَّ المرادَ ب» شيء «المَهْرُ؛ لأنه يُوْصَفُ بالقلة والحَقارة وصفاً شائعاً. وقوله:» تغليظاً وتشديداً «فيه نظرٌ؛ لأنَّ المسلمين ليس [لهم] تَسَبُّبٌ في فِرار النساءِ إلى الكفار، حتى يُغَلَّظَ عليهم الحكمُ بذلك. وعَدَّى» فات «ب» إلى «لأنه ضُمِّن معنى الفِرار والذَّهابِ والسَّبْقِ ونحوِ ذلك.
قوله: ﴿فَعَاقَبْتُمْ﴾ عطفٌ على»
فاتَكم «. وقرأ العامَّةُ» عاقَبْتُم «وفيه وجهان، أحدهما: أنَّه من العقوبة. قال الزجاج:» فعاقبْتُم: فَأَصَبْتُموهم في القتالِ بعقوبةٍ حتى غَنِمْتُم «. الثاني: أنه من العُقْبة وهي النَّوْبَةُ، شبَّه ما حَكَم به على المسلمين والكافرين مِنْ أداءِ هؤلاء مهورَ نساءِ أولئك تارةً، وأولئك مهورَ نساءِ هؤلاء أخرى، بأَمْرٍ يتعاقبون فيه كما يُتعاقَبُ في


الصفحة التالية
Icon