الشيخ:» وهذا رجوعٌ منه عن مذهبِه: وهو أنَّ «لن» تَقْتَضي النفي على التأبيد إلى مذهبِ الجماعة وهو أنَّها لا تَقْتَضْيه «قلت: وليس فيه رجوعٌ، غايةُ ما فيه أنه سكَتَ عنه، وتشريكُه بين» لا «و» لن «في نفي المستقبل لا يَنْفي اختصاصَ» لن «بمعنى آخرَ. وقد تقدَّم الكلامُ على هذا بأشبعَ منه هنا في البقرة.
قوله: ﴿فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ﴾ : في الفاءِ وجهان أحدُهما: أنها داخلةٌ لِما تَضَمَّنه الاسمُ مِنْ معنى الشرطِ، وحُكْمُ الموصوفِ بالموصول حكمُ الموصولِ في ذلك. والثاني: أنَّها مزيدةٌ مَحْضَةٌ لا للتضمين المذكور. وأفسدَ هؤلاء القولَ الأول بوجهَيْن، أحدُهما أنَّ ذلك إنَّما يجوز إذا كان المبتدأُ أو اسمُ «إنَّ» موصولاً، واسمُ «إنَّ» هنا ليس بموصولٍ، بل موصوفٌ بالموصول. والثاني: أنَّ الفِرارَ مِنْ الموتِ لا يُنْجَي منه، فلم يُشْبِهِ الشرطَ، يعنى أنه متحققٌ فلم يُشْبه الشرطَ الذي هو مِنْ شأنِه الاحتمالُ.
وأُجيب عن الأول: بأنَّ الموصوفَ مع صفتِه كالشيءِ الواحدِ، ولأن «الذي» لا يكونَ إلاَّ صفةً. فإذا لم يُذْكَرِ الموصوفُ دخلَتِ الفاءُ، والموصوفُ مرادٌ، فكذلك إذا صَرَّح بها. وعن الثاني: بأنَّ خَلْقاً كثيراً يَظُنُّونَ أنَّ الفِرارَ مِنْ أسبابِ الموتِ يُنَجِّيهم إلى وقتٍ آخر. وجوزَّ مكي


الصفحة التالية
Icon