إنَّك لرسول الله، واللَّهُ يَشْهد إنَّهم لكاذبون، لكان يُوْهِم أنَّ قولَهم هذا كذبٌ، فوَسَّط بينهما قولَه: ﴿والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ ليُميط هذا الإِبْهام».
قوله: ﴿اتخذوا﴾ : قد تقدَّم أنه يجوزُ أَنْ يكونَ جواباً للشرط، ويجوز أَنْ يكون مستأنفاً، جيْءَ به لبيانِ كذبِهم وحَلْفِهم عليه، أي: إنَّ الحاملَ لهم على الإِيمان/ اتِّقاؤهم بها عن أنفسِهم. والعامَّةُ على فتح الهمزة جمعَ «يمين» والحسن بكسرِها مصدراً. وتقدَّم مثله في المجادلة. والجُنَّةُ: التُّرْسُ ونحوُه، وكلُّ ما يَقيك سوءاً. ومن كلامِ الفصحاء: «جُبَّةُ البُرْدِ جُنَّةُ البَرْدِ» وقال أعشى همدان:

٤٢٦٣ - إذا أنتَ لم تجعلْ لِعرْضِكَ جُنَّةً من المالِ سار الذَّمُّ كلَّ مَسِيرِ
قوله: ﴿سَآءَ مَا كَانُواْ﴾ يجوز أن تكونَ الجاريةَ مَجْرَى بئْسَ، وأَنْ تكونَ على بابها، والأولُ أظهرُ، وقد تقدَّم حكمُ كلٍ منهما ولله الحمد، وقوله: «فطُبِعَ» هذه قراءةُ العامَّة أعني بناءَه للمفعول. والقائمُ مقامَ الفاعلِ الجارُّ بعدَه. وزيد بن علي «وطَبَعَ» مبنياً للفاعل. وفي الفاعلِ وجهان، أحدهما: أنه ضميرٌ عائدٌ على الله تعالى، ويَدُلُّ عليه قراءةُ الأعمشِ، وقراءتُه هو في روايةٍ عند «فَطَبَعَ اللَّهُ» مُصَرَّحاً بالجلالةِ. والثاني: أنَّ الفاعلَ ضميرٌ يعودُ على المصدرِ المفهومِ مِمَّا قبلَه، أي: فطَبَعَ هو، أي: تَلْعابُهم بالدين.


الصفحة التالية
Icon