تتمايَزُ بتاءَيْن فَحَذَفَ إحداهما. وزيد بن علي «تَمِيْزُ» مِنْ ماز، وهذا كلُّهُ استعارةٌ مِنْ قولِهم: تميَّز فلان من الغيظِ أي: انفصلَ بعضُه من بعض من الغيظ ف «مِنْ» سببيَّةٌ أي: بسببِ الغَيْظِ. ومثلُه [قولُ الراجزِ] في وصف كَلْبٍ اشتدَّ عَدْوُه:
٤٢٨٥ - يكادُ أَنْ يخرجَ مِنْ إهابِهْ... قوله: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ﴾ قد تقدَّم الكلامُ على «كلما» وهذه الجملةُ يجوزُ أَنْ تكونَ حالاً مِنْ ضميرِ جهنَّم.
قوله: ﴿بلى قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ﴾ : فيه دليلٌ على جوازِ الجمعِ بين حرفِ الجوابِ ونفسِ الجملةِ المجابِ بها، إذ لو قالوا: بلى لَفُهِمَ المعنى، ولكنهم أظهروه تَحَسُّراً وزيادةً في تَغَمُّمِهم على تفريطهِم في قبولِ قولِ النذيرِ ولِيَعْطِفوا عليه قولهم: «فكذَّبْنا» إلى آخره.
وقوله: ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ﴾ ظاهرُه أنه مِنْ مقولِ الكفارِ للنذير. وجوَّزَ الزمخشريُّ أَنْ يكونَ مِنْ كلامِ الرسلِ للكفرةِ، وحكاه الكفرةُ للخَزَنَةِ أي: قالوا لنا هذا فلم نَقْبَلْه.