نصب، وإنما يُخْرِجُ الآيةَ مِنْ هذا العموم إذا جَعَلْتَ» مَنْ «في موضعِ نصبٍ اسماً للأُناسِ المخاطبين قَبْلَ هذه الآيةِ، وقوله:» بذات الصدورِ «يمنعُ مِنْ ذلك» انتهى. ولا أَدْري كيف يَلْزَمُ ما قاله مكيٌّ بالإِعرابِ الذي ذكره والمعنى الذي أبداه؟ وقد قال بهذا القولِ أعني الإِعرابَ الثاني جماعةٌ من المحققين ولم يُبالوا بما ذكرَه لعَدَمِ إفهامِ الآية إياه.
وقال الزمخشري بعد كلامٍ ذكرَه: «ثم أنكر ألاَّ يُحيط علماً بالمُضْمَر والمُسَرِّ والمُجْهَرِ مَنْ خلق الأشياء، وحالُه أنه/ اللطيفُ الخبيرُ المتوصِّلُ عِلْمُه إلى ما ظَهَر وما بَطَن. ويجوز أَنْ يكون» مَنْ خَلَقَ «منصوباً بمعنى: ألا يعلَمُ مَخْلوقَه، وهذه حالُه» ثم قال: «فإنْ قلتَ: قَدَّرْتَ في» ألا يَعْلَمُ «مفعولاً على معنى: ألا يعلمُ ذلك المذكورَ مِمَّا أُضْمِر في القلب وأُظْهِر باللسان مَنْ خلق؟ فهلا جَعَلْتَه مثلَ قولِهم:» هو يُعْطي ويمنع «، وهلا كان المعنى: ألا يكونُ عالماً مَنْ هو خالقٌ لأن الخالقَ لا يَصِحُّ إلاَّ مع العِلْم؟ قلت: أبَتْ ذلك الحالُ التي هي قولُه: ﴿وَهُوَ اللطيف الخبير﴾ لأنَّك لو قلتَ: ألا يكون عالماً مَنْ هو خالقٌ وهو اللطيفُ الخبيرُ لم يكن معنى صحيحاً؛ لأنَّ» ألا يَعْلَمُ «معتمِدٌ على الحالِ والشيءُ لا يُوَقَّتُ بنفسِهِ، فلا يقال:» ألا يعلَمُ وهو عالمٌ، ولكن ألا يعلم كذا، وهو عالمٌ بكلِّ شيءٍ «.
قوله: ﴿ذَلُولاً﴾ : مفعولٌ ثانٍ، أو حالٌ. وذَلول فَعُول للمبالغةِ مِنْ ذَلَّ يَذِلُّ فهو ذالٌّ كقوله: دابَّةٌ ذَلولٌ بَيِّنَةُ الذَّلِّ بالكسرِ،


الصفحة التالية
Icon